في فضاءات الأسواق التقليدية العريقة تقاس حيوية المجتمعات، وتقرأ ملامح التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمناطق.
وفي آوكار، يتصدر سوق أم لحياظ الأسبوعي هذا المشهد، بوصفه أحد أقدم الأسواق المحلية وأكثرها تأثيرا، ومعلما اقتصاديا واجتماعيا ظل لعقود يؤدي دورا محوريا في تنظيم حركة التبادل، وتثبيت أنماط العيش، وربط الإنسان بمصادر رزقه في بيئة تعتمد أساسا على الثروة الحيوانية.
ينعقد السوق كل يوم جمعة، ليتحول إلى ملتقى واسع لسكان الشمال، الذين يفدون إليه بمواشيهم من الإبل والغنم والبقر، باعتبارها المورد التنموي الأول والأكثر استقرارا في حياتهم الاقتصادية.
ويشهد السوق حركة بيع وشراء نشطة تعكس حجم الكتلة الحيوانية التي تمر عبره، وتؤكد مكانته كوجهة مفضلة لتجار الحيوان والباعة القادمين من الجنوب، في تلاق اقتصادي تتجاوز آثاره حدود البلدية.
ولا يقتصر إشعاع سوق أم لحياظ على محيطه المباشر، إذ يخدم عمليا ولايتين أساسيتين هما الحوض الشرقي والحوض الغربي، ما يجعله مركز جذب اقتصادي إقليميا بامتياز.
ومع كل جمعة، تتوزع البضائع وتتنوع المعروضات، في مشهد تتجلى فيه حيوية السوق واتساع شبكته التجارية، وتتشكل عبره علاقات اقتصادية واجتماعية متجددة.
وفي سياق أوسع، تبرز بلدية أم لحياظ المركزية بوصفها موقعا مؤهلا للاضطلاع بدور إداري مؤسساتي، لما تحتضنه من ساكنة كبيرة مستقرة، وبنية تحتية قابلة للتعزيز والتطوير، تشمل مؤسسات تعليمية، ومركزا صحيا، وشبكات مياه واتصال.
وعلى المستوى الاقتصادي، تعد المدينة المحرك الأبرز في المنطقة، فيما تشق طريقها ثقافيا نحو استحقاق نوعي مع اقتراب مهرجانها السنوي الكبير، المنتظر أن يشكل رافعة تنموية متعددة الأبعاد—اقتصادية واجتماعية وثقافية.
وفي هذا الإطار، نقل موقع آوكار ميديا تصريحا للعمدة المساعد لبلدية أم لحياظ، شوقي أحمد عبدي، أكد فيه أن مهرجان البادية للأصالة والتراث في نسخته الأولى، المقرر تنظيمه فاتح يناير، يشكل فرصة لإبراز الجوانب المضيئة وغير المتداولة من تراث وتاريخ وثقافة المنطقة.
كما اعتبر المهرجان مناسبة لإظهار المقدرات الطبيعية والسياحية، وخصوصية آوكار، إضافة إلى كونه فضاءً لطرح إشكالات المنطقة وفتح نقاش جاد حول سبل معالجتها وإنصافها، في ظل ما تحظى به من اهتمام رسمي.
وهكذا، يرسخ سوق أم لحياظ الأسبوعي حضوره بوصفه معلما اقتصاديا واجتماعيا يتجاوز كونه فضاءً للبيع والشراء، ليغدو نقطة توازن للعيش والاستقرار، ومؤشرا حيا على دينامية آوكار وقدرتها على التجدد.
فمن قلب هذا السوق تتشكل حركة الاقتصاد المحلي، وتنسج العلاقات بين الشمال والجنوب، وتتقاطع مصالح الرعاة والتجار والساكنة.
ومع ما تزخر به أم لحياظ من مؤهلات بشرية وبنيوية وثقافية، وما يرافق ذلك من حراك ثقافي مرتقب، تبدو المدينة مؤهلة للانتقال من دورها التقليدي إلى موقع أكثر مركزية في خريطة التنمية الجهوية، حيث يتحول السوق من ذاكرة للماضي إلى رافعة للحاضر، وبوابة لمستقبلٍ تصاغ ملامحه على إيقاع العمل، والهوية، والاستثمار الواعي في الإنسان والمكان.













